يتنقل من محضن العائلة ، الى الجب بأيدي أثيمة من إخوته ، ثم بضاعة إلى أيدي السيارة رقا يشرى وأدنى من سائر الرق ، ومن ثم إلى الذي اشتراه من مصر ، يد طامعة فيه :
(وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(٢١).
هذه حلقة ثانية من حلقات القصة ، يصل فيها يوسف إلى مصر ويشرى بثمن بخس دراهم معدودة ، ولكن الذي اشتراه يتوسم فيه كل خير على صباه ، حيث الخير لائح في الوجوه الصباح ، وبخاصة حين ترافقها الأخلاق الملاح.
فرغم أنه اشتراه بثمن بخس ، يراه ثمينا لائحا فيه كل بصمات الخير ، متحللا عن كل وصمات الشر ، ولذلك يوصي العزيز عزيزته فيه بكل خير : (أَكْرِمِي مَثْواهُ) دون أكرميه ، والرق أيا كان لا يكرم ، ولا سيما في بيت العزيز ذي السلطة والجبروت ، فضلا عن أن تتصدى إكرامه سيدة البلاط ، البعيدة عن جزئيات الأمور وسفاسفها ، وهي هنا تتصدى إكراما لمثواه ، مكانه ومكانته ، إكرام الشخصية ذي أبعاد وظلال ، دون إكرام الشخص ـ فقط ـ في مأكل ومشرب وملبس ومنام ، فليكرم في ذلك البيت بقمة الإكرام ، لحد كأن السيدة خادمته والسيد خادمه ، فهو ـ إذا ـ أعز من العزيز والعزيزة ولماذا؟ (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) ينفعنا ما نبغيه من مختلف المنافع ، كأن نشريه بأغلى الأثمان ، او نستخدمه لأعلى المناصب ، أم ـ وبأحرى ـ نتخذه ولدا يرثنا ، إذ لم يكن لهما ولد ، وهذا الغلام أحرى من يتخذ لهما كولد.
وحق للعزيز أن يتفرس فيه تلك الفراسة العالية ، إذ كان ذا جمال قمة