شروطها ـ لإيتاء الحكم والعلم ، ولأن الأنبياء أكمل الخلق خلقا وخلقا ، فالمعني من أشدهم دون قرينة ، هو بلوغ خمسة عشر سنة ، ثم من الأشد المستوى الوسط كما في موسى (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) (٢٨ : ١٤) ومن الأشد بعد الوسط بلوغ الأربعين : (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) (٤٦ : ١٥) ولو لا قرينة «أربعين» هنا «واستوى» هناك كان الأشد فيهما كما في يوسف ، ثم ولا يعقل تصبّر امرأة العزيز في غريزتها المتعطشة الطائشة بعد بلوغ الحلم إلى ثلاثين أو أربعين وقد مضى شطر عظيم من ثورة الجنس فيهما!
وللحكم المؤتى والعلم درجات حسب درجات الإحسان (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أترى أن حكمه هنا هو نبوءته؟ وقد نبّئ قبله وهو في الجب : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ)! وقد يقرن بالنبوة والكتاب : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) (٣ : ٧٩) (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) (٦ : ٨٩)!.
وقد يؤتى الحكم دون نبوة ولا كتاب كما في طالوت حيث أوتي ملكا يحكم به على شعب إسرائيل ، ولكن لا نبوة إلّا ومعه حكم شرعي وقضاء مهما لم يكن معه حكم زمني ، فالحكم إذا هو تحكيم الفضائل بسلطة شرعية عامة ، او زمنية ، ام قضاء خاص ، وهو في يوسف يجمع الثلاث إضافة إلى «علما» فليكن حكمه حكم الله في ايّ من الثلاث ، وعلمه فيما يرتبط بالدعوة إلى الله من علم الله ، فلا خطأ ـ إذا ـ لا في حكمه ولا في علمه ، ف ـ (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (٤٠) وقد يؤتاه من ارتضاه الله كما هنا في يوسف ، وفي سائر الحكم لسائر النبيين أمن هم من الحاكمين كطالوت وأئمة الدين المعصومين (عليهم السلام).