وقد تلمح جمعية الصفات في «آتيناه» أن حكما وعلما يجمعان الثلاث مع بعض في يوسف الصديق (عليه السلام).
(وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) منحة الحكم والعلم جزاء إحسانهم وعلى حدّ إحسانهم دونما فوضى جزاف!.
ثم كل قبيل من الإحسان يتطلّب حكمه وعلمه وفقهه ، من إحسان العقيدة والأخلاق ، والسيرة والسلوك ، والعلم والفهم أما ذا من درجات الإحسان ، فالمؤتى حكم النبوة وعلمه هو المحسن بما يصلح لها ، ولكن ليس كل من أحسن بالغا ما بلغ يؤتى ذلك الحكم ، فإنه كسبي كظرف صالح ، وانتصابي كما يراه الله في كل زمن حسب حاجة المرسل إليهم.
ومن حكمه الموهوب تمكينه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) كما من علمه الموهوب علم تاويل الرؤيا الموعود له من قبل : (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) إضافة إلى سائر الحكم والعلم المعلومان من طيّات القصة ، كحكم النفس إحكاما لها وتوطيدا أمام الشهوات ، وهو من الحكمة العملية والعلم بتأويل الأحاديث وهو من الحكمة النظرية ، حكم عليم ، وعلم حكيم يجتمعان في هذا النبي العظيم (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)!
وعلى أية حال فكل حكم بالغ وعلم سابغ هي من مخلفات النبوة ، فالحكم هنا حكم الله والعلم علم الله لا جهل يداخله ولا باطل يزاوله.
(لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) آتاه الله حكما وعلما ، يسرا في المعرفة الواصبة الخالصة ، وهل يحصل يسر بلا عسر؟ كلا! (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) لذلك نراه يبتلى بامرأة العزيز ونسوة في المدينة منذ أشدّه ، كما ابتلي بإخوته منذ رؤياه الى جبّه ، ورطات من قبل ومن بعد وليتحقق وعد الله في هذا البين