ان العزيزة لم تقنع بذلك الحجاج ، واصرت على ما تهوى بكل إصرار ولجاج (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) بكل ما للهمّ من معنى وكما يؤكّده حرفا التأكيد عدّة وعدة ، همت به لحد علقت به (وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ ..) والهمّ ارادة صارمة بهمة عارمة ، لو لا دافع عنه او مانع لتحقق المهتم به ، وهمّ الزنا سوء وهي نفسها فحشاء ، وهذه العزيزة سيدة البلاط.
وأما يوسف (وَهَمَّ بِها) كما همت به (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) ولكنه رأى برهان ربه فلم يهم بها ، فالأسباب الطبيعية ، وتجاذب الجنس مع تغلّق الأبواب ، كانت كالعلة التامة لذلك الهمّ من يوسف ، ولكنه (رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) فلم يهم بها سوء فضلا عن الفحشاء!
وهنا مع كل الأسى نرى زمرة من المفسرين القدامى والحدثاء ، وآخرين من المحدثين ساروا في همّه (عليه السلام) وراء الإسرائيليات التي حتى التورات المحرفة منها براء (١) مصورين يوسف في هذه الحلقة الخطيرة
__________________
(١) ففي الاصحاح ٣٩ من تكوين التورات تصريحة ببرائته على تحرفه في جهات اخرى قائلا بعد ما مضى في قصته : «واما يوسف فانزل الى مصر واشتراه فوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط .. فوكله الى بيته ودفع الى يده كل ما كان له .. ولم يكن يعرف معه الا الخير .. وحدث بعد هذه الأمور ان امراة سيده رفعت عينيها الى يوسف وقالت : اضطجع معي فأبى وقال لامرأة سيده هو ذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت .. ولم يمسك عني شيئا غيرك لأنك امرأته فكيف اصنع هذا الشر العظيم وأخطى الى الله وكان إذ كلمت يوسف يوما فيوما انه لم يسمع لها ان يضطجع بجانبها ليكون معها. ثم حدث نحو هذا الوقت انه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن انسان من اهل البيت هناك في البيت فأمسكته بثوبه قائلة : اضطجع معي فترك ثوبه في يده وهرب وخرج الى خارج وكان لما رأت انه ترك ثوبه في يدها وهرب الى خارج انها نادت اهل بيتها وكلمتهم قائلة : انظروا قد جاء إلينا برجل عبراني ليداعبنا ، دخل إلي ـ