فان ذلك ايضا في ظلال ربوبية الله (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) يكرم مثوى عبده عند من يعبد سواه ، وكما أكرم موسى في بلاط فرعون.
هذا وذاك وذياك ومن ثم (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ولا سيما في ثالوث الظلم ، أن أظلم نفسي ، وأظلم العزيز في غيبه (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) وأظلم حق ربي وإن كان هو لا يظلم (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (٦٥ : ١).
فهل أخترق عصمة العبودية ، وأظلم ثالوثه ، لان العزيزة يعشقني؟ كلا! (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ـ (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ).
وما أسخفه تفسير «ربي» بالعزيز ، و (مَعاذَ اللهِ) يقدمه ، فكيف يرجع إلى غيره «إنه»؟ ومهما كان العزيز أحسن مثواه ، ولكنه من إحسان الله ، وليس العزيز محور الاحترام ، فان ربوبيته له بالنسبة للرب اخترام ، ثم لم تكن للعزيز بالنسبة إليه أيّة ربوبية تحترم ، فانه أوصى العزيزة بإكرام مثواه انتفاعا منه كتاجر! ثم قد أهان مثواه روحيا بجنب الله ، مهما أكرم مثواه ماديا وكما تهواه!
ثم المربي أيا كان لا يسمى في منطق الموحدين ربا! ولم يكن رقا حتى يعتبره بذلك ربا! وإنما هو رب في منطق الشرك وكما قال لأحد صاحبيه في السجن : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ)(٤٢) وقال لرسول الملك : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ)(٥١) وأما عن ربه (فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) (٥١)! وفي الآية التالية» لو لا أن رأى برهان ربه».
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ)(٢٤).