أنهن نسوة خصوص كانت تعرفهن وتتعارف معهن ، «أرسلت .. واعتدت لهن متكأ ..» وترى ما هو «متكأ» وما هي الصلة بينه وبين «سكينا»؟
المتكأ هو ما يتكأ عليه من كرسي أو نمرق ، متعوّد عليه في بيوت المترفين تلك الزمن ، والإعتاد دليل أنه متكأ خاص ، دون الحاضر في محاله على أية حال ، إذ كن من نساء الطبقة الراقية المسامتة للعزيز ، فهنّ اللواتي يدعين إلى مآدب لكل المآرب المترفة في القصور ، ويؤخذن بتلك الوسائل المتميزة ، يأكلن ويتفكهن وهن متكئات على الوسائد والحشايا والنمارق كعادة الشرق في تلك الزمن.
ومهما صح عناية الأترج من المتكأ ، إضافة إلى ما يتكأ ، فهنا لا تصح ، فان «متكأ» ظاهرها الوحدة ، وكيف تكفي لهن أترجة واحدة! ومن قبل «أعتدت» لمحة أن «متكأ» ما كان حاضرا ، وحضور الأترج وسائر الفاكهة في بيوت المترفين أمر متعوّد لا يحتاج إلى إعداد ، ف «متكأ» بوحدته يلمح لمجلس واحد كله متكأ ، وطبعا للأكل والشرب والمحادثة ، فيكفي بوحدته دلالة على حضور أنواع المآكل والفواكه.
(وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً ..) واستعمال السكاكين في الأكل في تلك الزمن البعيدة ، يصور المدى البعيد ، عن الترف والحضارة المادية ، .. فبيناهن منشغلات بتقطيع اللحوم والحلويات والفواكه ، تمكر مكرها إذ تفاجئهن بيوسف مباغتة دون سابقة إعلام : (وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ).
ولماذا «أخرج» بديل «أدخل» علّه لأنه كان منزويا في زاوية أو غرفة تخوفا عن استمرار المراودة ، أم وكيد النسوة المدعوات ، أم إنها أخفته في مخدع داخل المأدبة المتكأ ف (قالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ) فخرج بطبيعة الحال ، إذ ما كان يملك تأبّيا وهو في ملكتها وتحت سلطتها وسيطرتها ، أم