يكون متحركا. وذلك لأن ما يجعلونه مكانه (١) يتبدل عليه ، فإن كان ساكنا فسكونه فى أى مكان ، إذ من (٢) شرط الساكن أن يلزم مكانه زمانا ، إذ الساكن قد يصدق عليه هذا القول ، فإذ ليس يلزمه السطح ، فما الذي (٣) يلزمه سوى البعد الذي شغله الذي لا ينزعج ولا يتبدل ، بل يكون دائما واحدا بعينه. وقالوا أيضا إن الأمور البسيطة إنما يؤدى إليها التحليل ، وتوهم رفع شيء شيء (٤) من الأشياء المجتمعة معا وهما ، فالذى يبقى بعد رفع غيره فى الوهم هو البسيط الموجود فى نفسه ، وإن كان لا ينفرد له قوام ، وبهذا (٥) السبب عرفنا الهيولى والصورة والبسائط التي هى آحاد فى أشياء مجتمعة. ثم إذا توهمنا الماء أو غيره (٦) من الأجسام مرفوعا غير موجود فى الإناء (٧) لزم من ذلك أن يكون البعد الثابت بين أطرافه موجودا وذلك (٨) أيضا موجود عند ما تكون هذه موجودة معه. وقالوا أيضا إن كون الجسم فى مكان ليس بسطحه (٩) ، بل بحجمه (١٠) وكميته ، فيجب أن يكون ما فيه (١١) بجسميته مساويا له ، فيكون بعد أو لأن المكان مساو (١٢) للمتمكن (١٣) ، والتمكن جسم ذو ثلاثة أقطار ، فالمكان أيضا ذو ثلاثة أقطار. وقالوا أيضا (١٤) إن المكان يجب أن يكون شيئا لا يتحرك بوجه ولا يزول ، ونهايات المحيط قد تتحرك بوجه ما وتزول. وقالوا أيضا إن الناس (١٥) قد يقولون إن المكان قد يكون (١٦) فارغا ، وقد يكون (١٧) ممتلئا ، ولا يقولون إن البسيط يكون فارغا ، ويكون ممتلئا. قالوا والقول بالأبعاد يجعل كل جسم فى مكان ، ومذهب أصحاب البسيط الحاوى يوجب أن يكون من الأجسام ما لا مكان له. وقالوا (١٨) أيضا إن النار فى حركتها إلى فوق ، والأرض فى حركتها إلى أسفل يطلبان مكانا لكلتيهما (١٩) ، ومحال أن يطلبا نهاية الجسم الذي فوقه (٢٠) أو تحته ، فإن النهاية محال أن يلاقيها كلية جسم ، فإذن يطلب الترتيب فى البعد. فهذه (٢١) حجج أصحاب البعد (٢٢) مطلقا.
لكن أصحاب البعد على مذهبين : منهم من (٢٣) يحيل أن يكون هذا البعد يبقى فارغا لا مالئ له ، بل يوجب أن لا يتخلى عن مالئ إلا عند لحوق مالئ (٢٤) ، ومنهم من لا يحيل (٢٥) ذلك ، بل يجوز أن يكون هذا البعد خاليا تارة ومملوا تارة ، وهم أصحاب الخلاء. وبعض القائلين بالخلاء يظن أن الخلاء (٢٦) ليس هو بعدا ، بل هو لا شيء ، كأن الشيء هو
__________________
(١) مكانه : فكان سا (٢) إذ من : أو من ط. (٣) يلزمه السطح فما الذي : ساقطة من م.
(٤) شيء شيء : شيء سا ، م. (٥) وبهذا : بهذا م.
(٦) أو غيره : وغيره سا ، م (٧) الإناء : الآناه سا ، م.
(٨) وذلك : فذلك سا ، م ، فذلك البعد ط. (٩) بسطحه : لسطحة م. (١٠) بججمه : لحجمه م
(١١) ما فيه : ما يكون فيه ط. (١٢) مساو : مساويا سا
(١٣) للمتمكن : للتمكن ط (١٤) أيضا : ساقطة من م.
(١٥) الناس : + فيه د ، ط (١٦) قد يكون : ساقطة من م
(١٧) وقد يكون : ويكون سا. (١٨) قالوا : وقالوا م.
(١٩) لكلتيهما : بكلتيهما سا ، ط ، م (٢٠) فوقة : فوق سا ، م.
(٢١) فهذه : وهذه ط (٢٢) فهذه حجج أصحاب البعد : ساقطة من م.
(٢٣) من : ساقطة من د. (٢٤) مالئ (الثانية): + البته سا
(٢٥) لا يحيل : لا يخيل سا.
(٢٦) يظن أن الخلاء : ساقطة من م.