أم وكل تقلّباته وتحولاته الحيوية في الساجدين وهم كل المؤمنين معه ، والآية تتحمل مربعة المعاني أدبيا ومعنويا.
(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ ٢٢١ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ٢٢٢ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) ٢٢٣.
أجل إن الشياطين لا تتنزل إلّا على الشياطين وهم كل أفاك أثيم ، دون المؤمنين الصادقين ، ولا سيما المخلصين : (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٣٨ : ٨٣).
والإفك هو قلب الخبر إلى غير واقعة ، فالأفّاك هو المقلّب ، والأثيم هو الفعال لكل اثم وقبيح ذميم.
(يُلْقُونَ السَّمْعَ) تسمّعا واستراقا دون سماع صادق مسموح ، فلذلك : (وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) فيما ينقلون عن الملإ الأعلى.
ولأن «السمع» تعم المصدر والمفعول ، فمصدره يعني إلقاء التسمّع إلى الملإ الأعلى ، ومفعوله يعني إلقاء ما سمعوه منه إلى شياطينهم ، (وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) في تسمعهم وإسماعهم ، وقد يعني يلقون ـ الى ما عناه ـ (كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) ـ (يُلْقُونَ السَّمْعَ) إلى هؤلاء الشياطين دونما تثبت فيما يسمعون (وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) فيما ينقلون ، وحتى القليل الصادقين في سمعهم إنما ينقلون ما يسمعون من الكذب ، ونقل الكذب كذب مهما كان صدقا في النقل.
وفي صيغة «يلقون» لمحة باهرة أنهم كانوا يسمعون بسمعهم دون أنفسهم بعقولهم وقلوبهم ، ففي إلقاءهم سمعهم إلغاءه بانقطاع صلته عن نفوسهم ، ولا سيما (كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) يحوّلون أسماعهم إلى الشياطين بغير حساب ، ومثله ك (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ) ـ «إذ تلقون بألسنتكم» عناية إلى