النار المرئية لأي راء لرأته اهله معه! وهذه ترجيحة اخرى لما ذكرنا ، ان الهدى الرسالية هي الراجحة ، بل ولأنها كانت هي المترقّبة لموسى وبعد تأجيل ذلك الردح البعيد من الزمن ، فيخبر ـ إذا ـ بهذه الفروسية اللّامعة :
(سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ) هنا ، و (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) ـ وكما فصلنا ـ في طه!.
(فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٨).
هنا (فَلَمَّا جاءَها) وفي طه (فَلَمَّا أَتاها ..) وهما تتجاوبان في معنى : حضر عندها ، ثم هنا (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها ...) وفي طه (... نُودِيَ يا مُوسى. إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ..) فقد كانت النداء من الشجرة المباركة الزيتونة المحلّقة عليها نار النور ونور النار : كما في القصص : (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ (١) فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٣٠).
(.. نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها ..).
وترى (مَنْ فِي النَّارِ) هو الله سبحانه وتعالى ، بذاته المقدسة المتعالية عن الحدّ والمكان؟ و «بورك» الرامية إلى حادث البركة على من في النار تبعده عن ساحته تعالى ، تقريبا إلى من باركه الله في هذه النار ، كما و (سُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) تسبحه وتنزهه عن ان يحل في نار أو نور هي من مربوبيه وهو رب العالمين ، فقد متّى المتى فليس له متى ، ومكّن المكان فليس له مكان!
ام (مَنْ فِي النَّارِ) هو من ظهر سلطانه وقدرته ورحمته في النار؟ ولا يعبر عن سلطانه ورحمة ب «من»! ولا تحلّ قدرته في شيء ، نارا ام غير نار! فلا تعني (مَنْ فِي النَّارِ) لا ذاته سبحانه ولا صفاته ، حيث البركة هي منه