ثمانية عشر آية تستعرض دعوة نوح الرسالية حوارا مع قومه بصورة خاطفة منذ البداية حتى غرقهم أجمعين :
(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) ١٠٥.
«قوم» في لفظها مؤنث تصغيرها قويمة ، يجوز في فعلها المقدم الوجهان ومن الثاني : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) وهي كالظرف والمجرور ، تعم حين انفرادها القبيلين ، وحين تنضم إلى نساء تعني قبيل الرجال ، كما (قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) تلحقها (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ).
ف (قَوْمُ نُوحٍ) هم كل المرسل إليهم نوح ، وهو أوّل من دارت عليه الرحى من أولي العزم الخمسة ، وقصة نوح تقصّ في سور عدة (١) وتختص بها سورة واحدة ، مما يشي إلى بالغ الأهمية في عرضها في هذه الإذاعة العالمية القرآنية ، كقصة موسى وابراهيم والمسيح ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين.
وترى كيف (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ)؟ ولم يأت في سائر القرآن إلّا تكذيبهم ـ فقط ـ نوحا لا سواه!
علّه لأنه تكذيب لسلسلة الرسالات ككل ، فان مقالهم هو مقال تكذيب الرسالة بأسرها ، وان تكذيب رسول واحد ثابت الرسالة بآياتها هو تكذيب للرسالات كلّها ، ولا سيما الرسالة الأولى وهي مفتتح ولاية العزم ، أم لأنه «مكث نوح ألف سنة إلا خمسين عاما لم يشاركه في نبوته أحد ، ولكنه قدم على قوم مكذبين للأنبياء الذين كانوا بينه وبين آدم ..» (٢).
__________________
(١) كالأعراف ويونس وهود والمؤمنون ، والخاصة به سورة «نوح».
(٢) نور الثقلين ٤ : ٦٢ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) حديث طويل يقول فيه ـ