قائمة الکتاب
فرعون يهدد السحرة المؤمنين
٤١
إعدادات
الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة [ ج ٢٢ ]
الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة [ ج ٢٢ ]
تحمیل
وَهارُونَ)(٤٨).
وترى من ألقاهم ساجدين سواهم أنفسهم؟ إنه هيبة الموقف ، فخلافا لما كانوا يأملون أدهشتهم الآية البارعة فلم يتمالكوا أنفسهم إلّا تساقطا على الأرض سجّدا ، حيث الحق قد لمس عواطفهم ومس شغاف قلوبهم ، هزة مفاجئة أزالت عنهم ركامات الضلالة في لحظات قصار وهم كانوا قبلها هارعين إلى البغية الملكية الطاغية ، فتحولوا ـ إذا ـ بكامل كيانهم الى «ساجدين» ونطقت ألسنتهم كلمة الحق التي كانوا لها ناكرين «قالوا» قالا وحالا وفعالا (آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ) لا فحسب الايمان بالله الواحد ، بل وبرسالته ايضا المتمثلة في موسى وهارون (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) تاركين أية ربوبية سواها.
هنا التآمر الحاشد من الحاشية ، الناتج عن تلك المباراة الحاشدة ، مع كافة الصعوبات التي كلّفتها حتى ألفتها ، أصبح ذلك التآمر هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا ، فتلجلج فرعون وملأه وتبلج موسى وملأه ، وآمن السحرة ، لحد أصبح بطن الأرض اريح لفرعون من ظهرها ، حيث استأصلت كل محاولاته ومكيداته ، فلم تبق له باقية إلّا باغية أخيرة هي شيمة كل باغية :
(قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ)(٤٩).
ويكأنّ الايمان ـ أيضا ـ كسائر الأمور المسيّرة الميسرة بالإذن ـ بحاجة إلى اذن ، خلطا لعمل القلب بعمل القالب ، ولأن ذلك البليد الطاغي يدعي السلطة المطلقة على شعبه ، فلتكن قلوبهم ـ أيضا ـ بيده.