يجعلهم شيعا كما جعل الآخرين كذلك شيعا ، وكان أشد الاستضعاف على هؤلاء الذين كان يخافهم على عرشه ، فتفرقت كلمة بني إسرائيل أيادي سبا واستفاد الطاغية بشيعهم أن أخذ يذبّح أبناءهم ويستحيي نساءهم (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).
تذبيح الأبناء كان يعم شق بطون الحوامل من بني إسرائيل أم ذبح الولائد بعد الولادة حيث ما ثقفوا ، واستحياء النساء من الحياة إبقاء لهن بشأن الخدمات الإجبارية منزلية وسواها ، ومن الحياء إزالة لحيائهن في الدعارات ، فقد كانت هذه لهن استحياء أشر من تذبيحهن ، ثم الرجال الذين فقدوا أبناءهم ونساءهم أمرهم أمرّ وأنكى ، وذلك ثالوث العذاب بحق الشعب الإسرائيلي بعد عذاب الشيع فيهم والعداء الشائع بينهم.
هذه هي خماسية المخططات الفرعونية الجهنمية تدميرا لهذا الشعب عن بكرته ولكيلا يطلع موسى من وسطهم ، كما أرادها فرعون بخيله ورجله تجنيدا لكل حيله ، ولكن الله يريد غير ما يريده الطاغية ولا يكون إلّا ما أراد الله مهما قويت الداهية الدهياء ، من الطاغية اللعناء :
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ٥ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) ٦.
هؤلاء المستضعفون المضغوطون تحت أنيار الظلم وأنياب العضّ الفرعوني ، المرذّلون المعذبون بألوان العذاب (١) يريد الله أن يمن عليهم
__________________
(١) الدر المنثور اخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الآية : قال : يوسف وولده.