لا يؤتى به لواحدة.
(إِنِّي آنَسْتُ ناراً ..) وحقيقة الإيناس هي الإحساس بالشيء من جهة يؤنس بها ويسكن إليها ، ويا له من إيناس بعد الإياس في قرّ الليل المظلم بوعثاء السفر ، وفي خبر انه في رجوعه من مدين ضل الطريق في ليلة ظلماء (١).
وقد كانت النيران توقد في البرية فوق البرية فوق المرتفعات لهدي السالكين في الليالي ، فظنها كأنها منها ، دون تأكّد فيها حيث (آنَسْتُ ناراً) ولا تنافيه (إِذْ رَأى ناراً ..) (٢٠ : ١٠) حيث الرؤية قد تكون إيناسا دونما اطمئنان ، فلذلك (سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ ..) ترددا بين «خبر» علّه خبر السماء ، وبين (بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) : استيقادا بصلاء شهاب قبس مقتبس من النار ، فالشهاب هو الشعلة الساطعة من النار المشتعلة ، والقبس هو المقبس منها.
وعلّ «لعلّكم» هنا تختص ب (آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ) فعندئذ (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) وأما «خبر» ف «سآتيكم ..» كأنه متأكد هنا من خبر السماء في النار ، ام مطمئن اليه اكثر من اصل النار ، وقد ذكرت في طه كما هنا وبعكس الترتيب : (إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) فقد تختص «لعليّ» بالأولى ، ثم «أو أجد» دون «نجد» ـ (عَلَى النَّارِ هُدىً) خارجة عن «لعلّي» كأنها متأكدة ام راجحة مطمئنة ، ثم النص (إِنِّي آنَسْتُ ناراً ..) دون «إنّا» ولو كانت هي
__________________
(١). نور الثقلين ٣ : ٣٧٣ عن الباقر (عليه السلام) في «آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ .. كان قد اخطأ الطريق.