وهناك عجائب اخرى في حياة النمل قد يقتضي سردها مؤلفات عدة ، ثم لا نصل إلى كل اسرارها وكما قال الله (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ
__________________
ـ إليها وحفر حولها وملأ الحفرة ماء وظن انه نجا منها وبات ليلا خالي البال منشرح الصدر مطمئنا على شجرته الغالية فأصبح فرأى الورق مغطى بالنمل ونظر الحفرة فوجدها مملوءة بالماء ، وبينما يتفقد السبب إذ رأى اوراقا متراصة على سطح البركة من شاطئها الى جذع الشجرة والنمل يمر عليها كأنها قنطرة الى حيث تطلع على تلك الشجرة!
ومن عجائب كدحه في عمله الجبار انه قضى عالم من علماء الرومان طول حياته في التنظر في حال النمل فشاهد نملة تشتغل طول يومها فحسب ما حفرته وبنته في ذلك اليوم نسبة الى جسمها وشغل الإنسان وجسمه فوجد انها لو كانت رجلا مشتغلا هذا الشغل لكان يحفر خليجين كل منهما طوله اثنان وسبعون قدما وعمقه ٥ ، ٤ اقدام ، وأخذ هذا الطين وصنع منه آجرا وبنى به اربع حيطان على الأربع الجوانب للخليجين كل حائط من قدمين الى ثلاثة ارتفاعا ، ونحو ١٥ بوصة سمكا وغلظا ويدعك تلك الحيطان من الداخل فتصير ملساء وكل هذه الأعمال بلا مساعد آخر في النهار كله مع ان الأرض مملوءة بالأعشاب الصغيرة والأخشاب والأشجار وجذوعها الهائلة والأرض وعرة المسالك فيها آكام من الردم! سبحان الخلاق العظيم.
قوة النمل :
وقد تبلغ قوة نملة أقوى من إنسان ٣٠٠٠ مرة وكما يروى عن المستر ، د. دى بوا ، العالم الطبيعي انه قال : رأيت نملة تحمل حصاة من أسفل العرامة إلى أعلاها فوزنت النملة والحصاة وزنا دقيقا بادق الموازين وقسمت ارتفاع العرمة فوجدت بعد الحساب ان الرجل لكي ينافس النملة في رفع الأثقال يجب ان يحمل حملا وزنه نصف طن ويصعد به ٢٥ درجة من درجات السلالم الاعتيادية ، وقد أكد احد عار في طبائع النمل انه إذا كان رجل يزن (١٥٠) رطلا وله قوة بالنسبة الى وزنه كقوة النمل لاستطاع ان يحمل على ظهره قاطرتين من اكبر قاطرات السكك الحديدية من غير ترنّح.
وقد روى الأستاذ رفنون ان في افريقيا نوعا من النمل يسمى (بول دوج) يستطيع ان يمشي واثبا وكل وثبة نحو قدم ، فإذا رام الإنسان ان يجاريه وجب ان يثب الوثبة الواحدة نحو ١٤٤ قدما.