ذلك الكتاب تعني معرفة الله القمة لهم عليهم السلام إلّا معرفة الذات ، فهم مهما حرموا من حق معرفته الخاصة به «ما عرفناك حق معرفتك وما عبدناك حق عبادك» ولكنهم زوّدوا المعرفة الحقة الممكنة في حقهم ، فهم يعرفون الله بكل حروف المعرفة وجوانبها إلّا حرف الذات وجانبها.
والحرف الواحد من هذا الاسم الأعظم المختص بالله ، هو جانب الذات وصفات الذات وحقيقة الصفات الفعلية ، وسائر الحروف وهي سائر الجوانب المعرفية ، مقسمة بين المخلصين من عباد الله ، وكلما ازدادت هذه الحروف المعرفية ، زاد الله صاحبها حملا لشرعته ، ومظهرا لآيات علمه وقدرته : «عبدي اطمعني حتى أجعلك مثلي انا أقول للشيء كن فيكون ، وأجعلك تقول للشيء كن فيكون» مهما اختلفت «كن» التكوينية من الرب ، عنها في المربوبين ، فانها فيهم بأمر الله دون توكيل ولا تخويل ، ف (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) دون سواه ، ف (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) المعرفي في الاسم الأعظم ، يأتي به قبل ان يرتد إليه طرفه ، فأوتي من فوق سليمان وآصفه ما فوقهما من الخوارق وكما يروى عن أئمتنا المعصومين عليهم السلام (١).
__________________
(١) ومما ورد في علمهم عليهم السلام أفضل من آصف ما في عيون الأخبار باسناده إلى عمر بن واقد قال : إن هارون الرشيد لما ضاق صدره مما كان يظهر له من فضل موسى بن جعفر عليهما السلام وما كان يبلغه عنه من قول الشيعة بإمامته واختلافهم في السير اليه بالليل والنهار خشية على نفسه وملكه ففكر في قتله بالسم ـ الى ان قال ـ : ثم ان سيدنا موسى (عليه السلام) دعى بالمسيب وذلك قبل وفاته بثلاثة ايام وكان موكلا به فقال له يا مسيب! قال : لبيت يا مولاي ، قال : إني ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة مدينة جدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لأعهد إلى ابني عليّ ما عهده إلي أبي وأجعله وصيي وخليفتي وآمره أمري ، قال المسيب : فقلت : يا مولاي كيف تأمرني ان افتح لك الأبواب ـ