وانما هي إعادة مواد الأشياء إلى أمثال صورها السابقة البادءة ، ومنها إعادة اجزاء الإنسان إلى مثل ما كان في الصورة ، فالمعاد في المعاد ليس بإيجاد عن لا شيء ولا اعادة المعدوم ، بل هو ذرات البدن الأصيلة حيث تعاد إلى مثل الصورة الأولى ، وهو الروح حيث يعاد إلى نفس البدن الممثل كالأوّل فأين هنا إعادة المعدوم؟
(قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) في هذه الحلقات الخمس ، ابطالا لما أثبتت (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في تكذيبكم ، وأنّى لهم برهان ، وأنى لهم أن يعلموا هذه الحقائق المعلومة لدى ذوي العقول ، بل هم في جهالتهم طائشون ، جهلا عن تقصير ، وهم يطالبون الغيب وأنّى يبعثون!
(قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) ٦٥.
هذه آيات اختصاصه تعالى بعلم الغيب ، بعد ما خصت به الآيات السالفة غيب القدرة ، وهل الله هو ممن في السماوات والأرض حتى يستثنى عنهم بعلم الغيب؟ قد يكون الاستثناء متصلا ، والله قدرته النافذة وعلمه النافذة (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) دون ذاته لأنه خلقهما و «كان إذ لا كان»! كما (هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) اي ألوهيته نافذة فيها ، لا ذاته سبحانه!.
أم هو منفصل تأكيدا لاستئصال علم الغيب عما سوى الله ككل ، والله هو الذي يعلم الغيب ، وطبعا هو الغيب المطلق الذي ليس لينقلب إلى شهود ، لا مطلق الغيب ومنه ما يعلّمه الله من ارتضاه : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ..) (٧٢ : ٢٦).
ونموذجا بارزا للغيب المطلق وقت الساعة (وَما يَشْعُرُونَ)