الإمامة بين سائر المرسلين ، وفي الختام إمامة الأئمة الرسالية ككل وهي الخاصة بخاتم النبيين (صلّى الله عليه وآله وسلم) وقد تدرّج موسى إلى ما قبل الأخيرة ، وكما ان بلوغ الأشد هو اكتمال هذه الثلاث وهو في العادة بين ١٨ سنة و ٣٠ (١) ، كذلك «استوى» بعد هو القيام بنفسه في حاجيات الحياة وهو إلى الأربعين بل هو من منتجات بلوغ الأشد ، وهنا (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً).
وهذه هي ضابطة الحكم والعلم الرباني (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) كلا على قدر إحسانه ، وما قدّره الله من كيانه ، من مؤمن امتحن الله قلبه بالايمان إلى أوّل العابدين وخاتم النبيين (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، ولأن الحكم الرسالي وعلمه ليسا جزاء الإحسان ، وإلّا أصبح كل محسن رسولا ، فلا يعني (حُكْماً وَعِلْماً) هنا الرسالة ، فقد تكون نبوءة الوحي أمّا دونها من إلهامات غيبية هي من مخلفات الحالات التصفوية للمحسنين.
فكون الحكم والعلم جزاء إحسانه كما (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) بعد رجوعه من مدين ، هذان برهانان ساطعان على أن (حُكْماً وَعِلْماً) هنا لا يعنيان الرسالة.
وهنا نتلمح ان بلوغه أشده واستواءه كان عند بلوغه الثلاثين حيث الرسل يرسلون عند الأربعين ، وكان بين الحكمين عشر سنين.
أتراه في هذه الفترة وهي زهاء ثلاثين سنة أم تزيد ، تراه ظل يترعرع
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ١١٧ عن معاني الأخبار بسند متصل عن الأحول عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى) قال : أشده ثمان عشر سنة واستوى التحى. وفي أحاديث متظافرة انه لم يبعث نبي إلا على رأس أربعين سنة ، اللهم إلا يحيى في وجه من الآية (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).