وقد تحتمل «ما» هنا بجبب كونها نفيا ، أنها موصولة : (وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) اختيارا فوق كل اختيار ، فلا يمضى اختيار ولا يمشّى إلّا ان يختاره الله (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) وهذا وإن كان في نفسه صحيحا ، وهو قضية الأمر بين أمرين ، إلّا أنه ليس يختار كلّ ما كان لهم الخيرة ، كما في قصتي إبراهيم الخليل وأضرابهما ، إلّا ان تختص (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) بالبعض دونما استغراق ، لا سيما وأنه ضمن المعني من «ما» إذ تعنيهما كما هو الصالح لساحة الربوبية.
ومن الخيرة الإستخارة في مورد الحيرة ، حين لا تزول بتفكير ولا مشورة فيظل الإنسان حائرا لا يدري من أي إلى أي وكما يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (١).
__________________
ـ الأصلح دون الأفسد علمنا ان الاختيار لا يجوز أن يفعل إلا من يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضمائر وتنصرف إليه السرائر وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح»! ، وفي تفسير الفخر الرازي ٢٥ : ١٤ روى ابو امامة الباهلي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال : كان قارون من السبعين المختارة الذين سمعوا كلام الله تعالى.
وفيه عن مصباح الشريعة قال الصادق (عليه السلام) في كلام طويل : وتعلم ان نواصي الخلق بيده فليس لهم نفس ولا لحظة إلّا بقدرته ومشيته وهم عاجزون عن إتيان اقل شيء في مملكته إلا باذنه وارادته قال الله عز وجل : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ..).
(١) الدر المنثور ٥ : ١٣٥ ـ اخرج البخاري وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال كان يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم فانك تقدر ولا اقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم ان هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري ـ