عن وبال المال على أية حال ، لا ـ فقط ـ ما يجمع به المال ، إن صح أن العلم هو الذي يجلب الأموال!.
فالشرعة الإلهية تحدد الملكية الفردية تحصيلا بكيفيتة ، وتجميدا وتصريفا ، فلها في كل هذه الثلاث حدود مقررة في كتابات الوحي ولا سيما القرآن والسنة المحمدية (صلى الله عليه وآله وسلم).
فليكن تحصيل المال بوجه مشروع ، وإبقاؤه وصرفه بوجه مشروع ، والتخلف عن شرعة الإقتصاد قد يكون ثالوثا محرما في زواياه الثلاث ، أم حلا في اقتناءه محرما في الآخرين ، ام وحلا في مصارفه محرما في إبقاءه ، أو معاكسا له ، فلا حرية ـ إذا ـ في التصرفات الاقتصادية مصرفيا بحجة الحل في اقتناء المال.
فكما أن الحصول على المال بغير الحلال إفساد في الأرض ، كذلك إبقاءه تكنيزا ، أم صرفه بغير وجهه ، هما ايضا إفساد في الأرض.
فهب إن قارون أوتي كنوزه بحلّ كما تلمح له «وآتيناه» ـ (عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) أم على جهل ، ولكنها على أية حال مال الله يؤتاه هو وأحزابه فتنة وابتلاء ، وأصحاب الأموال الطائلة إنما هم مستخلفون فيها إنفاقا صالحا دون إسراف ولا تبذير : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (٥٧ : ٧) فالمتخلف عن الإنفاقات الصالحة ، تكنيزا أم تصريفا غير صالح ، هو من المفسدين في الأرض ، المهددين بالدماء والبوار (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) :
(وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) ـ (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ..) إذ (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) (٥٥ : ٤١).
وهذا السئوال المنفي هو الاستعلام ، حيث الملك العلام يعلم كل إجرام فلما ذا ـ إذا ـ سئوال الاستعلام ، لا هنا عند ما يهلكون ، حيث