الإنس والجن ، فانها فلتة لا تدوم ، والحياة الزوجية هي حياة السكن الدائبة.
فقد «خلق» : لتسكنوا «لكم» : لتسكنوا» ـ «من أنفسكم» ـ «لتسكنوا» فالسكن الحيوي عن ضربات الحياة الدنيوية واضطراباتها هو ـ بالفعل ـ الغاية المقصودة من (خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) مثلث من الآيات الرحمات تنحو منحى سكون الحياة عن اضطرابات ، ولأن مجرد الخلق لكم لتسكنوا لا يكفي وئاما تاما بين الزوجين تاما ، والرابطة الجنسية غير كافلة بتحمّل مشاق الحياة العائلية ، لذلك :
(وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) تحكيما لتلك العلاقة الوطيدة بين الزوجين ، فالمودة ـ كما يتلمح من آياتها ـ هي المحبة الظاهرة في العمل ، وكصراح لهذه اللمحة (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) (١١ : ٩٠) حيث الودّ بعد الرحمة ليس رحمة مجردة ، إذا فهو الرحمة البارزة واقعيا.
والمودة المجعولة بين الزوجين ظاهرة في عشرتهما إن لم يحصل مانع في البين ، فالحياة الزوجية الودية تشغل ـ لو لا الموانع ـ مشاعرهم وأعصابهم ، قالاتهم وفعالاتهم وكل اتصالاتهم وانفصالاتهم ، وحقا يروى عن رسول الهدى انه «ما يعدل الزوج عند المرأة شيء» (١٠) ، ثم «ورحمة» قد تعني
__________________
(١٠) نور الثقلين ٤ : ١٧٤ في الكافي احمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لابنة جحش : قتل خالك حمزة ، قال : فاسترجعت وقالت : احتسبه عند الله ثم قال لها : قتل أخوك فاسترجعت وقالت احتسبه عند الله ثم قال لها : قتل زوجك فوضعت يدها على رأسها وصرخت فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ما يعدل الزوج عند المرأة شيء» وفيه عن الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : انصرف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من سرية قد كان أصيب فيها ناس كثير من المسلمين فاستقبلته النساء يسألن عن قتلاهن فدنت منه امرأة فقالت يا رسول الله ما فعل فلان؟ قال : وما هو ـ