من الحسنات الخير مهما خالف الطبع ، وأبلى البلاء هو في الموافق للطبع ، والكل ابتلاء : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ. كَلَّا ..) (٨٩ : ١٥) «ولو أراد الله جل ثناءه بأنبيائه حيث بعثهم ان يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن البلدان ومغارس الجنان ، وان يحشر طير السماء ووحش الأرض معهم لفعل ، ولو فعل لسقط البلاء ، وبطل الجزاء ، واضمحل الابتلاء ، ولما وجب للقائلين اجر المبتلين ، ولا لحق المؤمنين ثواب المحسنين ، ولا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين ، ولذلك لو أنزل الله من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ، ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين ، ولكن الله جل ثناءه جعل رسله اولي قوة في عزائم نياتهم ، وضعفه فيما ترى الأعين من حالاتهم من قناعة تملأ القلوب والعيون غناءه وخصائصه يملأ الأسماع والأبصار أداءه ، ولو كانت الأنبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك يمد نحوه أعناق الرجال ويشد إليه عقد الرحال لكان أهون على الخلق في الاختبار وأبعد لهم في الاستكبار ، ولآمنوا عن رغبة قاهرة لهم ، أو رهبة مائلة بهم ، فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة ، ولكن الله أراد أن يكون الإتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لأمره والاستسلام اليه أمورا خاصة لا يشويها من غيرها شائبة ، وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل» (٧).
(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (٣).
__________________
(٧) نور الثقلين ٤ : ١٥٠ في الكافي وروى ان امير المؤمنين (عليه السلام) قال في خطبة له : ...