فطرت الله ـ الزم فطرت الله ـ أخصّ من الدين الحنيف فطرت الله ، أمّاذا من ناصبات مناسبات؟
(لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) ـ «خلق الله» هنا ليس كل خلق الله فان منها ما يبدّل بحق أو باطل كما هدد الشيطان : (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ..). فما هو إلّا دين الفطرة حيث الدين الشرعة هو من الأمر وليس الخلق (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) فمهما كان في سائر الدين تبدّل أو تبديل ، كدين العقل والشرعة من الدين ، في حق أو باطل ، كالعقل الضائع أو الذي تصيبه جنة قاصدة أو قاصرة ، وكالشرعة المحرفة أو المنسوخة ، ولكن دين الفطرة لا تبدّل فيه ولا تبديل ، لأنه المنطلق الأصيل الدائب لدين العقل والشرعة.
(لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ) الإقامة بوسيط الفطرة هو (الدِّينُ الْقَيِّمُ) الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، إذ لا ريب فيه ولا نقصان أو بطلان يعتريه (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) مثلث الدين ، فطرة وعقلية وشرعة ، ولا وجها ولا إقامة ولا حنافة ولا قيمومة ، متورطين في مسبّع الجهالات ، ولذلك لا ينجون في الحياة مهما شرّقوا أو غرّبوا ، حيث غربت عقولهم وحجبت فطرهم.
هذا إجمال عن مغزى الآية ومن ثم التفصيل ، ولنبدء برأس الزاوية في مسبع العرفات : (فِطْرَتَ اللهِ) وهي كلها رءوس الكمالات الإنسانية وجماع فضائلها وفواضلها :
الفطرة هي حالة خاصة من الفطر ، وهو الشق (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) (٦٧ : ٣) والفطور هو الفروج