ثم هي عشرة ناقصة ناقضة إذا كانت أسيرة الجنف وعشيرته ، مهما كانت دركات.
درجات لتلك الكاملة ، ودركات لهذه الناقصة ، تأمرنا آية الفطرة ان نزودها كلها بحنف ، و (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).
فمن حنف الحس بادراكاته الخمس ان يحس بالدنيا ورائها دون إخلاد عليها ونظرة قاصرة إليها ، فالدنيا أمام الحس اثنتان على حد المروي عن الامام علي (عليه السلام) «من ابصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته».
فجنف الحس ان يقصر استعماله في الشهوات فتصبح عينا لا تبصر وسمعا لا يسمع ، كما وجنف القلب فأصحابها كما قال الله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (٧ : ١٧٩).
ولأن القلب هو قلب الروح فيشمل صدرا قبله ولبا وفؤادا بعده وعقلا معها والروح كأمها ، وكذلك العين والسمع هما أهم الحواس الظاهرة ، فالآية تشمل حنف الحواس الخمس الظاهرة والإدراكات الست الباطنة.
والحنافة من قضايا الفطرة الإنسانية في أعمق أعماق الإدراكات ، والجنف ليس مقصودا بنفسه إلّا لمن يخطأ اليه الحنف قاصرا أو مقصرا وكما يروى عن الامام علي امير المؤمنين (عليه السلام) «إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع وأحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله ويتولى عليها رجال رجالا فلو أن الحق خلص لم يخف على ذي حجى ولو ان الباطل خلص لم يكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهناك استحوذا الشيطان على أولياءه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى».