عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ٢٢ فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠ : ٢٣) ـ (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٢٩ : ٦٦) ـ (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) (١٧ : ٦٧).
آيات سبع مما تدل على ذلك الحكم الفطري ، أن الإنسان في أعمق أعماق كيانه منعطف الى نقطة واحدة من الكمال اللّامحدود ، لا ينعطف إليها بطبيعة الحال ، إلّا عند ما تقطعت الأسباب التي يعيشها ويظن انها هي التي تعيّشه وتنفعه أو تضره ، فيشركها بربه ، ام وينكر ربه مؤلّها إياها ملحدا بربه.
ولو لا هنا إلّا ذلك الحكم الحكيم ل (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) لكفي برهانا صارخا من عمق ذاته أن (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) فان الاعتراف بأصل وجود الله مطوي فيها دون هوادة.
ومن ثم العقل حيث يتبني الفطرة وسائر الآيات أنفسية وآفاقية ، يكمل المعرفة التوحيدية ببراهين تفصيلية هي كتفسير لإجمال ما في الفطرة ، ثم الشرعة الإلهية حيث يتبناهما ، تشرح كلمة التوحيد بتفاصيل حكيمة معصومة ، ملائمة للفطرة اوليا وللعقل ثانويا ، إذا فثلّت الدين الحنيف القيم ، كله صارخ بأن (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ).