اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (٢٩ : ٦٩). فما لم يستحكم الإيمان في مرحلته الأولى ، لم يهتد المؤمن إلى سبل الله ، تعرفا إليها وصمودا فيها أمام عراقيلها والتواءاتها وأذياتها.
فمن (أُوذِيَ فِي اللهِ) وتصبّر عن حالة مركوسة وقالة منكوسة ، ولم يزدد إلّا إيمانا ، فهو الذي جاهد في الله فيهتدي ـ إذا ـ إلى سبل الله.
وامّا إذا (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ) في قال أو حال ، فهو المنافق حقا ، أو لمّا يدخل الإيمان في قلبه : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٤٩ : ١٤).
وقد تعني الآية ـ فقط ـ المنافقين دون الآخرين ، حيث القول (إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) في النصر قولة فارغة منافقة ، وليست جاهلة من هؤلاء الأعراب ، ولمّا يدخل الايمان في قلوبهم ، اللهم إلّا أن يدّعوه بسذاجة زعم أن إسلامهم ايمان ، إلّا أنّ جعل فتنة الناس كعذاب الله لا يلائم أضعف الإسلام ، إلا الاستسلام مصلحيا وهو النفاق!.
فكما عذاب الله يتحرز منه ، فهؤلاء يتحرزون عن الإيمان حيث يخلّف بزعمهم عذاب الله ، وهو (فِتْنَةَ النَّاسِ) وحياة التكليف كلها فتنة خيرا أو شرا ، ومن أصعب الفتن أن يعذب المؤمن في الله حيث يتفلت عنه الايمان غير الركين ولا المكين ، فضلا عن إسلام النفاق ، فالمسلمون هم في حقل الأذية في الله درجات ، أعلاهم من يزدادون ايمانا ، وأدناهم من يرجعون كفارا أو اكفر مما كانوا قبل الإيذاء في الله وهو أنزل ودركات الكفر وأنذلها مهما (قالُوا آمَنَّا) وبينهما عوان ، وما انحسها كتلة البتلة والرياحة والرعونة ، حيث تبغي الجمع بين (قالُوا آمَنَّا) وألا يؤذى في الله ، فيعلن كلمة الايمان في الرخاء رجاء الأمن المطلق في ظلها دون نصب ولا تعب في الله ، يحسبها خفيفة الحمل ، هيّنة المؤونة والمسئولية ، قد يبقى على