قالته ما أصابه خير ، فإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ، فاختلّت في نفسه القيم واهتزت العقيدة ـ إن كانت ـ! فهؤلاء ليسوا مع المؤمنين إلّا في النصر والرخاء ، دون الحصر والبلاء (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ) نصر رباني يخصك كأول العابدين وآخر النبيين ليقولن إنا كنا معكم» وهم لم يكونوا معهم في واقع الإيمان ، إلّا في قالته القالة الخاوية ، وقد تعني المشابهة بين فتنة الناس وعذاب الله فيما عنته ، أننا تكفينا فتنة الناس عذابا هنا عما في الأخرى ، فلا نعذّب ـ إذا ـ فيها مهما عصينا ، أم قاسوا عذاب الله بفتنة الناس ، فلا علينا إذ نعصيه إذ لا تصيبا في الأخرى إلا كالذي أصابنا هنا من فتنة الناس!. واين فتنة الناس من عذاب الله في أيّ من هذه الزوايا الخاوية الغاوية! وقد تعني (كَعَذابِ اللهِ) كل هذه الثلاث ، فهي لدركات ثلاث من النفاق ، ولكنما الثالث على هامش الأوّلين لمكان (كَعَذابِ اللهِ) دون (عَذابُ اللهِ).
(أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) والواو هنا تعطف إلى محذوف معروف ك «ا لم يجعلوا فتنة الناس كعذاب الله ، فتركوا الايمان المدعى إلى الكفر ، وتركوا ان يكونوا في الله كيلا تصيبهم فتنة الناس التي حسبوها كعذاب الله ، أو تركوا طاعة الله إذ حسبوا فتنة الناس هنا كعذاب الله في الأخرى! (أَوَلَيْسَ اللهُ) إن لم تكن هذه وتلك (بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) وهذه من الفتن المظهرة لما في الصدور : (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) :
(وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) ١١.
هنا «ليعلمن» كما هناك من العلم العلامة ، والإيذاء في الله بفتنة الناس ، هو فتنة من الله ، إذ لا يصده عمن يقول آمنا بالله ، ولا عن