شَيْءٍ) حيث لا تزر وازرة وزر اخرى ، وحتى إذا صدقوا في وعدهم فلا يؤذن لهم في ذلك الحمل (إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) في وعد الحمل ببعديه : فهم كاذبون في حملهم الموعود ان اسطاعوا ، ثم هم كاذبون في امكانية هكذا حمل ، فذلك خلاف الواقع في بعدي التصميم حينه وبعد الواقع إذ لن يسمح لهم فيه.
«لنحمل» أمر هم يلزمون به أنفسهم ، فهو ـ إذا ـ إخبار ضمني أنهم ملتزمون بما لزموا به أنفسهم ، ولكنهم كاذبون في التزامهم نفسيا ، ومن ثم خارجيا حتى لو التزموا ، إذ ليس الجزاء بكمه وكيفه يوم الجزاء بأيديهم فكل يحمل خطيئة نفسه ، دون زيادة ولا نقيصة ، مهما كان للمضلّل ضعف العذاب ثانيه لإضلاله كما الأوّل لضلاله : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ) بما ضلوا (وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) بما أضلوا ، ولا ينقص أولئك من أثقالهم شيء.
وليست الأثقال الثانية هي نفس أثقال المضلّلين ، بل هي أثقال تضليلهم إضافة إلى أثقال ضلالهم ، وما اتسع ودام ذلك الضلال بين المضلّلين والذين يتبعونهم كسنة ضالة ، فهناك أثقال ثالثة هي مثل أثقال المضللين بذلك الضلال كلهم ف (ما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) أبدا ، بل (أَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) بما أضلوا : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (١٧ : ٢٥) ف «من» هنا جنسية وليست تبعيضية ، فهم يحملون مثل أوزارهم جزاء وفاقا ، قدر ما كانوا معهم بإضلالهم رفاقا.
وكما يروى عن رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قوله «أيما داع دعا إلى هدى فاتبع عليه وعمل به فله مثل أجور الذين اتبعوه ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئا وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع عليها وعمل بها فعليه