هكذا «كيف بدء الخلق» ولكن الذي يتمشى مع الدعوة القرآنية ككلّ ، هو انه توجيه لكافة المكلفين منذ نزول القرآن إلى يوم الدين ، كلّا على قدره ، حيث السير في الأرض آفاقيا وأنفسيا ، مما يبرهن (كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) ، و (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) ٢١.
له المشية العادلة ف (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) والمشية الفاضلة (وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) وإليه لا إلى سواه «تقلبون» عن هذه الحياة الدنيا إلى الأخرى ، لا فقط قلبا لحياة الى حياة ، بل وقلبا عن ظاهرها إلى باطنها ، وعن اختيارها إلى اضطرارها ، وعن أعمالها إلى نتائجها ، وعن كل ما تتطلبه الأولى ، إلى طلبات الأخرى «ولله الآخرة والأولى» ـ (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (١٠ : ٣٠).
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) ٢٢.
(إِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) شئتم أم أبيتم إذ أنتم لا تغلبون (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) ربّكم ، لا في الأولى ألّا تقلبوا ، ولا في الأخرى ألّا تعذبوا ، فالأرض والسماء صيغة أخرى عن الكون كله هنا وهناك ، فلا تعجزون الله تفلتا عن ملكه : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) (٥٥ : ٣٣) ولا تعنّتا عن ملكته وإرادته : (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ) يلي أموركم هنا وهناك (وَلا نَصِيرٍ) ينصركم عن بأس الله.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ٢٣.