كفرا بآيات الله آفاقية وأنفسية ، الدالة على ربوبيته الوحيدة غير الوهيدة ولقاء لثواب الله «أولئك» البعيدون عن منافذ المعرفة الربانية (يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) في الدنيا والآخرة ، فالمؤمن بآيات الله ولقاءه لا ييأس من رحمة الله (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) هو أبد الخلود في الجحيم.
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ٢٤.
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) بعد هذه الحجج البالغة «إلا» جواب كل أحمق نكد : (أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ) بأية قتلة «أو حرقوه» وهي شر قتلة ، إذ حرق أكبادهم حين كسر أصنامهم ، إذا فحرقة بحرقة ، ولكن (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) في ذلك المسرح الخطير قائلا : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) (٢١ : ٦٩).
هنا (اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ) وفي أخرى (قالُوا حَرِّقُوهُ) (٢١ : ٦٨) وعلّ الجمع انهم عزموا في البداية على قتلة ، ثم على إحراقه لأنه أشد وأنكى ، أم كانوا مفترقين بين قتله وحرقه ، فتغلبت الفرقة الأخرى ، وعلى أية حال عزموا على إحراقه فألقوه في الجحيم.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) الحجاج ، وخلفيّة اللجاج «لآيات» ربانية (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) آية لكون الرب ، وآية لكيان الربوبية ، وآية للرسالة الصادقة ، وآية للعاقبة الصادقة ، آيات مع بعض وتلو بعض (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) بالله وبآياته (وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً).
(وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) ٢٥.