على ضوء الهداية الإلهية ، فإنه أعلم بصالحنا منا ، فإقراض الله ، والإنفاق في سبيل الله ، والتصدق لله ، هذه كلها تنحو منحى سبيل الإنسان وصالحه ، فالله هو الغني ونحن الفقراء ، فما أكفر عبدا وأجهله أن يتغامض عن هذه العظات ، ولا يتذكر بتلكم الموعظات ، فيعيش حياته ويلات وويلات!.
وكما الإنفاق هو الافناء ، ان يؤتي ما أوتي من ماله او ماله لله دون ابتغاء جزاء او شكور ممن سوى الله ، كذلك الإقراض هو الاقطاع : ان تقص وتقطع مما لك قرضا حسنا ، إن واجبا او ندبا ، قرضا ترجع فيه او لا ترجع ، حسنا متحللا عن كل سوء.
ومن أركان الحسن في القرض أن يكون بنية حسنة : لوجه الله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) وبطيبة نفس ، وأن يكون مما تحبون : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ومن الحلال ـ ف (لا يقبل الله صدقة من غلول) (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) وبعيدا عن الرئاء والمن والأذى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ) وألا يعتز في نفسه مذللا للمستقرض ، فإن الله هو المستقرض مهما كان لعباده المحاويج : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) وألا يماطل في ادائه ما يجد سبيلا الى أداء عاجل وان يؤجل الى ميسرة ان كان قرضا يرجع ، دون مراجعة ولا مخاجلة او مخالجة ، وان يتحرى الأحوج اشخاصا وجهات إلهية ، وان يخفيها تحرجا عن الرئاء ، او يبديها تحريضا لمن سواه شرط الإخلاص : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢ : ٢٧١) فتلك عشرة كاملة في اصول القرض الحسن.
وكما ان الإقراض من مضاعفات الرحمة وكرم السجية ، كذلك الله يعد المقرض مضاعف الرد وكريم الأجر ، ولأن الأجر موعده الحياة الاخرى ، فليكن المضاعف ، او من المضاعف ، في الحياة الدنيا ، ان يربي الله ماله ضعفا او أضعافا : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) (٢ : ٢٧٦) يربيه ماديا ، ويربيه