بعد إخفائه ، وكذلك بسط الأيدي ، وإن كان هذه ضررها بالإيقاع وتلك ضررها بالسماع.
والثّقف : الحذق في إدراك الشيء وفعله ، فإذا أدركوكم وسيطروا عليكم بحذقهم الكافر الماكر ، حينذاك يظهر لكم مدى عدائهم لكم لحدّ : (وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) : جمعا بين العداء في القلب وفي القالب ، وعداء القلب ان : (لَوْ تَكْفُرُونَ) هي أمرّ وأدهى ، إذ توحي بكافة ألوان المحاولات والحيل ليردّوكم ويرجعوكم عن الإيمان ، ولحدّ المستحيل الموحى به ب «لو».
فهم دائما ينتفعون ولا ينفعون مهما تظاهروا بالوداد ، وإنما هم شداد في عدائهم العارم ، فكيف تتولونهم؟.
ثم ولو يتولونكم في التخفيف عن أرحامكم وأولادكم ولن يخففوا ، ف :
(لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ):
إنهم لن ينفعوكم وإن كانوا مؤمنين ، فكيف ينفعونكم وهم كافرون؟ فوشائج القرابة المتأصلة في كيانكم ، المشتجرّة في زوايا قلوبكم ، إنها قد تنسيكم ما يتوجب عليكم في ظل الإيمان بالله ، فإنه الوشيجة الدائبة التي لا انقطاع لها ولا فصال ، لا بد أن تنسي المؤمن سواها من الوشائج على طول الخط ، فكل وصال إلى فصال (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ) إلا وصال في الله واتصال بالله ، وعلى المؤمنين أن يتأسوا في صمود وشيجة الإيمان بالرعيل الأعلى ليذيبوا سائر الوشائج ولا يذابوا فيها.
(قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ