وكفانا حضوره بما نسرّ ونعلن رهبة منه ، ورغبة في طاعته ، ولكنه ينبئنا بما عملنا يوم القيامة ، رجفة فوق رجفة : (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) وانه يعاملنا بما عملنا ويحكم (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً).
وعلّ تخصيص الذكر بالعددين الفردين بمناسبة النزول (١) وان الله يحب الوتر لأنه وتر طالما بين الوترين من بون.
ثم التناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، وما يحزن الذين آمنوا ، إنها محرمة وأحيانا لحد الكفر ، كما أن التناجي بالبر والتقوى محللة ولحد الوجوب أحيانا فيما يحمل تحقيق واجب أو الذب عن محرّم ، فلا تحرم ولا تجب ذاتيا ، إلا بما تحمل من مفروض أو محظور :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
أتى ذكر النجوى بخيرها وشرها في سبع سور (٢) تندد بالذين يزعمون أن الله لا يعلم سرهم ونجواهم (٤٣ : ٨٠) (٩ : ٧٨) وأن النجوى لا خير فيها (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) (٤ : ١١٤) ناهية عن نجوى الظالمين : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) (٢١ : ٣).
ولقد كانت للمنافقين والذين في قلوبهم مرض مؤامرات سرية يتناجون فيها ضد الرسالة الإسلامية (بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) وضد الرسول : «معصيت الرسول»
__________________
(١) قيل نزلت في قوم من المنافقين اجتمعوا على التناجي مغايظة للمؤمنين وكانوا على هذين العددين.
(٢) هذه السورة والإسراء ، طه ، الأنبياء ، النساء ، التوبة ، الزخرف.