سأله جاثليق : أين هو؟ وعما سئل عنه أبو بكر (١) وكما عن الامام الصادق والكاظم عليهما السلام (٢).
وانها لصورة سارية سارّة من الحيطة العلمية الإلهية ، بكل شيء ، وبنجوى المتناجين ، ومعاريض المتخافتين ، سامعا للحوار ، وشاهدا للسّرار ، تترك القلوب وجلة لا تثبت لها ، ولا تقوى على مواجهتها ، ثم هي في نفس الوقت أنيسة أليفة لمن يعرفون الله ويرجون له وقارا.
__________________
(١) اصول الكافي بإسناده سأل الجاثليق أمير المؤمنين عليه السلام فقال : أخبرني عن الله عز وجل أين هو؟ فقال عليه السلام : هو هاهنا وهاهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا وهو قوله : «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ... (إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) (البرهان ٤ : ٣٠٣).
وفي إرشاد المفيد : وجاءت الرواية أن بعض أخبار اليهود جاء الى أبي بكر فقال له : أنت خليفة نبي هذه الامة؟ قال له : نعم ، فقال له : إنا نجد في التورات أن خلفاء الأنبياء أعلم أممهم فخبرني عن الله أين هو؟ في السماء هو أم في الأرض؟ فقال له أبو بكر : هو في السماء على العرش ، فقال اليهودي : فأرى الأرض خالية منه! وأراه على هذا القول في مكان دون مكان! فقال له أبو بكر : هذا كلام الزنادقة ، اغرب عني وإلا قتلتك ، فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : يا يهودي! قد عرفت ما سألت عنه وأجيب عنه به ، وإنا نقول : ان الله جل جلاله أيّن الأين فلا أين له ، وجل أن يحويه مكان ، هو في كل مكان بغير مماسة ولا مجاورة ، يحيط علما بما فيها ولا يخلو شيء منها من تدبيره تعالى ... (الى أن قال) فقال اليهودي : أشهد أن هذا هو الحق وأنك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه (نور الثقلين ٥ : ٢٦٠).
(٢) تفسير البرهان ٤ : ٣٠٢ عن الكافي بإسناده عن ابن أذينة عن الصادق عليه السلام في هذه الآية : هو أحدي الذات بائن من خلقه وبذاك وصف نفسه وهو بكل شيء محيط بالإشراف والاحاطة والقدرة ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالاحاطة والعلم لا بالذات لأن الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذات لزمها الحواية.
وفيه عن الامام الكاظم عليه السلام قال : ان الله تبارك وتعالى كان لم يزل بلا زمان ولا مكان وهو الآن كما كان لا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ، ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه احتجب بغير حجاب محجوب واستتر بغير ستر مستور لا إله إلا هو الكبير المتعال.