فالقول «أنت عليّ كظهر امي» منكر ينكره الواقع والشرع والضمير واعتبار العقل ، وزور يكذبه الشرع والواقع ، عادة جاهلية تعرّقت فيهم كأنها أصل يعتمد عليه.
والظهار من الظهور بمعنى الغلبة والعلو : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) : يعلوه ، فالزوج غالب على زوجته يملكها في بضعها ، ويعلوها في أمره وإرشاداته : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا) كذلك ويعلوها ويركبها حين يطؤها ، ولذلك قد يعبّر عن طلاقها بالنزول عنها : «نزلت عن امرأتي» إذ كان يركبها ، مسيطرا عليها ... فليس ـ إذا ـ من الظهر ، فإنه ليس أولى بالذكر من الأمام الذي فيه مواضع المباضعة والتلذذ منها ، فظهر المرأة ليس أصلا فيما يرغب منها ، بل وفي إتيانها منه قول بالتحريم!.
وإذا كان الظهار منكرا من القول وزورا فهو محرم قطعا ، ولا ينافيه عفو الله وغفره : (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) فإنه بعد التوبة والكفارة التالية.
(وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
صحيح أن الظهار لا تجعل الزوجة كالام في حرمة مؤبدة وكالمعلقة ، ولكنها تحرّمها مؤقتة نكالا من الله ، فالمقصود منه لم يقع ، والواقع غير مقصود ، وحكم الحرمة المؤقتة الزائلة بالكفارة من الله تعالى تأديب وتأنيب للمظاهرين من نساءهم ، وليس إمضاء لسنة جاهلية.
و (مِنْ نِسائِهِمْ) تعم الدائمة والمنقطعة وملك اليمين خلافا للأربعة في الثانية إذ لا يعتبرونها زوجة ، ولأبي حنيفة والشافعي في الأخير ، وعموم النساء للثلاث ، وان المنقطعة زوجة بالكتاب والسنة ، حجة عليهم ، وكما سويت بين الحرة والأمة