فهنا علاجان لمشكلة الظهار : علاج من أساس : أنه منكر من القول وزور كما هنا فليترك ، وعلاج ثان : تحليل المظاهر منها بالكفارة كما يأتي.
فالزوجة لن تصبح اما : لا واقعا ، فهي التي ولدته ، ولا شرعا إلا في التي أرضعته : (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) (٤ : ٢٣) أو نساء النبي حفاظا على كرامته (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) ودونهما : ف (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) :
حصر الامومة الواقعية في الوالدة ، ثم الشرعية الاعتبارية منها لا تحصل إلا بالرضاع فتحرم مؤبدة وهي مثل الام إلا في الميراث ، وإلا في أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وتحصل الحرمة المؤقتة تأديبا في الظهار ، فلا امومة فيه لا واقعا ولا اعتبارا وتنزيلا.
فالحصر هنا وان كان محصورا في الامومة الواقعية ، ولكنما المنكر والزور موجهان الى التنزيلية المقصودة من التشبيه.
فالقول : إن المظاهرين من نسائهم إنما كانوا يشبهونهن بأمهاتهم بغية التحريم كما هن ، لا أنهن أمهاتهم واقعا ، والآية تنفي الامومة الواقعية هنا دون التنزيلية ، فأين المنكر والزور؟ يرده أن نفي الامومة الواقعية ينفي التنزيلية والمشابهة في الحكم أيضا إلا بدليل ، والمنكر والزور هنا هو الحكم بالحرمة كالام ، أو الإخبار بها : فالقول «أنت عليّ كظهر امي» إن كان إنشاء تشريعا لحكم الحرمة فهو منكر ينكره العقل والعاطفة ، وكذلك زور ، لأن ذلك من اختصاصات الشارع الإلهي دون سواه ، وإن كان إخبارا عن حكم الله فهو زور وغرور.
ف (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) ينفي الامومة الواقعية ، وبما أن نفيها لا يكفي لنفي المشابهة ـ وان كان يوحي به ـ يثنيّه بنفيها أيضا : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) إذ لا دليل على المشابهة هنا ، بخلاف (أُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) وزوجات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فهن محرمات كما الأمهات الواقعيات ، بدليل هذه الآيات.