يوم الأضحى والفطر ، فإن له من سابق الفضل وواقعه ولاحقه عبر الزمن ما ليس لغيره من الأيام :
فإنه يوم جمع الله فيه الخلق بعد الأدوار الستة للخلق ، فالجمعة في هذا الأسبوع العالمي هو يوم الجمع العام ، كما أنها لغويا كثير الجمع ، ولذلك جعل عيد الإسلام الاسبوعي لأنه جماع الشرائع ، ولكثرة الجمع المفروض في فرضها.
ثم هو يوم خلق الله فيه آدم حيث أتمّ جمع روحه الى جسمه ، وفيه جمع له زوجته ، وفيه أسجد له ملائكته ، وفيه أدخله وزوجه جنته ، وفيه تاب الله عليه عن خطيئته ، وفيه أهبطه الى الأرض ، وفيه قال الله للنار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ، وفيه فدى الله إسماعيل بذبح عظيم ، وفيه كشف الله عن أيوب كربه ، وفيه استجاب الله ليعقوب دعاءه ، وفيه حملت السيدة مريم السيد المسيح ، وفيه خلق الله تعالى الأنبياء والأوصياء ، وفيه جمع الله تعالى لمحمد صلّى الله عليه وآله وسلّم أمره ، وفيه قام الإمام الحسين عليه السّلام قومته الثائرة ، وفيه يقوم القائم المهدي عليه السّلام ، وفيه ـ بين الظهر والعصر ـ تقوم القيامة الكبرى.
ليلتها غرّاء ، ويومها زاهر ، وليس على وجه الأرض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معافى من النار منه ، يضاعف الله عز وجل فيه الحسنات ، ويمحو فيه السيئات ، ويرفع فيه الدرجات ، ويستجيب فيه الدعوات ، ويكشف فيه الكربات ، ويقضي فيه عظام الحاجات ، ما دعا الله فيه أحد من الناس وعرف حقه وحرمته إلا كان حتما على الله أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار ، فمن وافق منكم يوم الجمعة فلا يشتغلن بشيء غير العبادة ، كما وردت بذلك الأخبار عن الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمة الأطهار (عليهم السلام) (١).
ولأن صلاة الجمعة هي القمة في فرائض الله ، جعل وقتها هذا اليوم المبارك
__________________
(١) راجع البحار الجديد المجلد ٨٩ ص ٢٦٣ ـ ٢٨٦ ، فإن ما نقلناه متون الأحاديث مع زيادات شارحة.