كظهر امي» وقد أخرجني من منزلي فانظر في أمري ، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا أقضي فيه بينك وبين زوجك ، وأنا أكره أن أكون من المتكلفين ، فجعلت تبكي وتشتكي ما بها الى الله عز وجل والى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وانصرفت .. وأنزل الله في ذلك قرآنا : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قَدْ سَمِعَ اللهُ ...) (١).
وهذه المنعة والحائطة الرسولية مما تحكم عقد الرسالة وتطمئن الناس أنه (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) وكما أمره الله : (... لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ ...) (٤ : ١٠٥) فما هو إلا رسول وليس مشرّعا!.
ثم الشكوى هذه توحي بأن المرأة في الإسلام لها حق المجادلة بحقها ، والمحاورة بشأنها ، حتى ومع الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم دون أن يحكم عليها بالسكوت والخمول ، وأنّ إذن الزوج لا يشترط فيما يحق لها من جدال وتراجع لأخذ الحق الى حكام العدل.
(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ).
تنديد شديد بالمظاهرين من نسائهم ، زاعمين أنهن يصبحن كأمهاتهم بهذا القول الزور المنكر.
__________________
(١) القمي باسناده عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : ان امرأة من المسلمات أتت النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فقالت : ...(نور الثقلين ٥ : ٢٥٤). أقول : وهذه المرأة حسب الروايات هي خولة بنت ثعلبة زوجة أوس بن الصامت ومن ذلك ما روته عائشة قالت : تبارك الذي وسع سمعه كل شيء اني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها الى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهي تقول : يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ، ظاهر مني ، اللهم اني أشكو إليك ، فما برحت حتى نزل جبرئيل بالآيات ، (الدر المنثور ٦ : ١٧٩).