نختصها بمناسبات نزولها فنموّت القرآن بموتها وهو كتاب الحياة الخالدة يجري كجري الشمس.
فآية المقت تعلمنا ضابطة عامة أن القول المنافق للفعل مقت كبير ، كما أن القول الموافق له واجب كل مؤمن ، فليكن المعني من القول هنا هو المطلوب فعله ، سابقا أو لاحقا أو على أية حال ، فمن الأقوال ما يطلب تركها كالمنكرات ، ومنها ما لا فعل لها ، فليساهما داخلين في نطاق الآية التي تندد بالذين يقولون ما لا يفعلون.
ثم القول هنا يشمل الوعد الحسن فيجب الوفاء به ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيجب على الآمر الائتمار بما يأمر به ، وعلى الناهي الانتهاء عما ينهى عنه ، وكذلك سائر الأقوال الحسنة الواصفة للحسنات ، أو المخبر بها ، فلتصدّق في فعلها من قائلها ، فإذا كان القول الحسن هنا وهناك وهنالك لا يجاوبه الواقع ، فليترك هذا القول فإنه تقوّل انقلب سيئا ومقتا كبيرا عند الله إذ ينافق فعله ، مهما كان حسنا عند الله لو يوافق فعله ، إذ لا قيمة لقول لا يسنده ويسانده فعله ، فإما السكوت عن هكذا قول ، أم ضم الفعل إليه كما يستطاع.
فخلف الوعد مقت ولو مع الكفار غير الناقضين عهودهم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقت لمن لا يأتمر فيما يأمر أو لا ينتهي عما ينهى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٢ : ٤٤) فهذا النفاق في الأمر والنهي إفساد ، وإن كان القصد منهما الإصلاح ، وكما يشير إليه شعيب عليه السّلام : (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ..) (١١ : ٨٨) فتارك المعروف المأمور من قبل تاركه ، وفاعل المنكر المنهي من قبل فاعله ، انهما يزدادان جرأة وهتكا في حرمات الله ، ووهنا في عقيدة الإيمان إن كانت لهما ، وان ذلك يكشف عن أن الآمر الناهي كأنه