كما وأن استسلام البعض منهم ـ وهم ضعفاء الايمان ـ لدولة الكفر والطغيان ، بغية الحفاظ على أنفسهم ونفائسهم ، ليس هذا انتصارا لهم ، فإنما الغلبة الايمانية تظهر في مختلف وجوه المناضلات في مختلف ميادين النضال : إن قتلوا انتصروا ، وان قتلوا انتصروا ، فهم أعزة منتصرون قاتلين ومقتولين ، شاردين ومشرودين ، حاكمين ومحكومين ، فقراء ومثرين ، كما وأن المحادّين لله ورسوله هم في الأذلين ، في ميزان الحق ، في كافة الصور ، وكفى المؤمنين غلبا ـ بين أسبابه ـ : ان للحق دولة وللباطل جولة!.
ترى إن حادثة الطفّ صورة من غلب الفيء الطغيان الأموي على أهل بيت الرسالة المحمدية صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ كلا ، فإن قتل حسين وذووه في الجسد ، فقد قتل يزيد وحزبه في كافة الموازين الإنسانية ، يزيد يقتل حسينا في جسده ، وحسين يقتل يزيد في روحه ، إذ إن حادثة الطفّ أثبتت للعالم أن يد الإثم والطغيان فيها لم تك يد انسان ، وإنما أيدي وحوش مجانين وأضل سبيلا ، حيث لم ترحم الأطفال الرضّع والنساء والضعفاء : قد غير الطعن منهم كل جارحة ، سوى المكارم في أمن من الغير.
أجل وان صمود المؤمنين في وجه الطغاة ، إذ يحميهم إيمانهم من الانهيار ، ويحمي زملائهم في حزب الله من ضياع الشخصية ، ومن خضوعها للطغيان ، إن هذا الصمود الصارم غلب لهم وانتصار على الكفار ، بجنب سائر الانتصارات التي تختصهم دونهم.
(لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) :