ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
(أَلَمْ تَرَ) : رؤية العلم كأنها عيان ، استفهام تقرير : أن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يرى ـ فيما يرى ـ (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) من سرّ وإعلان ، دون أن يكون شيء أقرب له من شيء ، أو أبين له من شيء ، يعلم ما في الكون على سواء ، دون أي جهل أو خفاء ، ويعلم من يتناجون ونجواهم و (هُوَ مَعَهُمْ) معية العلم والقيومية ، لا معية الكيان والحدّ والعدد (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ) : أشخاص رجالا أو نساء أم مختلطين ، تناجيا ومسارة بينهم (إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) وليس ثالثهم ، إذ لا يتناجى معهم ولا يتناجون معه ، وليس داخلا في أي حد وعدد ، وإنما «رابعهم» في علمه بما يتناجون ، دون أن تخفى عليه خافية ، أجل ، وانه تعالى لا يتمم عدد الكائنات بذاته ، فهو «واحد بعدد ، ولا عن عدد ، ولا بتأويل عدد» فليس رابعا لهم ككائن محدود بحدودهم ، يقارنهم في كيانهم وزمانهم ومكانهم ومكانتهم ، وإنما مقارنة المعية العلمية والقيومية (داخل في الأشياء لا بالممازجة ، خارج عن الأشياء لا بالمزايلة) (وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ) بنفس المعنى (وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ) اثنين أو واحد : كمن يتناجى ونفسه : (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (وَلا أَكْثَرَ) من خمسة وأكثر (إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) : وهذه المعية المطلقة اللامحدودة تفسير عميق أنيس لكونه تعالى رابع المتناجين أو سادسهم ، انه المعية العلمية دون حجاب ، لا والمعية العددية وسواها من المعيات التي لا تناسب ساحة قدسه تعالى ، كما وان (أَيْنَ ما كانُوا) يخرجه وينزهه تعالى عن المكان أيا كان ، فليس للمحيط على كل ماكن ومكان أن يكون في كل مكان ، إلا كونا علميا ، وكما في جواب الامام علي عليه السلام عما