الثالوث المنحوس من نجواهم ، رغم ما أمروا بطاعة الله والرسول ، فطاعة الله تعم العلاقات الفردية والجماعية سلبا وإيجابا : محرمات وواجبات ، فالإثم المقرون بالعدوان هنا هو التخلفات من القسم الأول التي لا تعدو المتخلف الى سواه إلا شذرا ، والعدوان هو الثاني الذي يعدوه الى سواه ، ومعصيت الرسول لا تعمهما ، وإنما تخص التخلف عن أوامره ونواهيه الولائية كرئيس للدولة الإسلامية ، فطاعته فيها طاعة الله بالعنوان الثانوي ومعصيته معصيته ، فلو لا أمره أو نهيه لم يك وجوب ولا حرمة.
فالمتآمرون ضد الإسلام كانوا يتناجون في ثالوثهم المنحوس «بالإثم والعدوان ومعصية الرسول» ما ينهار به الإسلام من أساس ، ولكن الله كان يخبر الرسول بهذه الخطط اللئيمة ، والدسائس الخفية ، والتدابير السيئة للجماعة الإسلامية.
لقد نهاهم الله عن نجواهم هذه ، ثم يعودون لما نهوا عنه إصرارا في إسرارهم المكائد اللئيمة ، فيطلع الله نبيه والمؤمنين بثالوث النجوى ، وأنهم يحيّون الرسول بغير التحية الإسلامية : «حيوك بما لم يحيك به الله» فهل إنها (السام عليك) كما كان من اليهود قاصدين : (الموت أو المرض عليك)؟ أو انها (أنعم صباحا وأنعم مساء) : تحية أهل الجاهلية (١)؟ علّ الآية تشملهما ، ولكنها لا تخص الاولى ، بل قد تخص الثانية ، فان «ما لم يحيك به الله» توحي بأنهم كانوا تاركي السنة الاسلامية في تحيتهم وهي «السلام عليكم» لا انهم كانوا يسبون الرسول في تحيتهم ليّا بألسنتهم وطعنا في الدين كما اليهود كانوا يفعلون.
ويرد عليهم أيضا قولهم في أنفسهم : (لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) بقوله :
(حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) : فعذاب الدنيا لا يحسب له حساب
__________________
(١) القمي في تفسيره .. وقولهم إذا أتوه : أنعم صباحا وأنعم مساء وهي تحية أهل الجاهلية ، فأنزل الله (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) ، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أبدلنا الله بخير تحية أهل الجنة : السلام عليكم (نور الثقلين ٥ : ٢٦١).