يفكر في علاجاتها قائلا : (إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين ، فدعني أضرب عنقه) ، فأين علاج من علاج فيه كل فجاج وحراج! وفي أحاديث عدة أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أجاب عمر : (إنه شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) ، ولكنه لا يوافق الأصول الإسلامية لا كتابا ولا سنة ، فمن أعجب العجاب أن يرفع قلم التكليف عمن أتى بواجب الجهاد! ولا يرفع عن النبي الذي كلّ حياته جهاد! ومن أقرب ما يعارض هذه الفرية الفاتكة نفس الآية (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ).
ثم هذا الخطاب اللطيف العتاب يجعل من هذا المؤمن الجاهل الضعيف مؤمنا عارفا قويا نادما على ما افتعل ، وينبّه سائر المؤمنين ألا يفعلوا فعلته ، مبينا مع الآيات التالية أخطارها :
(إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) :
إن عداء هؤلاء الأعداء لكم مركوز في كيانهم وقلوبهم المقلوبة ، مهما تظاهروا بالولاية ، بغية مساندتكم إياهم ، إلقاء بالمودة لهم أسرار الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولكنه يظهر لكم ببسط أيديهم وألسنتهم بالسوء إليكم (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ) : يظهروا عليكم ، وهذه الصيغة المضارعة بعد أداة الشرط «إن» تشير الى التحذير من مستقبل الثّقف الذي يعدّه المؤمن على نفسه بجهالة التصرفات الفوضى ، كما أن مضيّ «ودّوا» إيحاء الى تعمّق هذا الودّ قديما في نفوسهم ـ دون رباط بشرط الثقف ـ ، إلا أن «لو» الدالة على امتناع مدخولها ، تكافح هذا الخطر الكامن ، ما دام المؤمنون متمسكون بعروة الإيمان.
وبما أن البسط مقابل القبض ، فبسط الألسن هو إظهار الكلام السيئ فيهم بعد زمّ الألسن عنهم ، فيكون الكلام كالشيء الذي بسط بعد انطوائه واظهر