العظيم على ضوء النور الذي التمسوه يوم الدنيا ، وتممه الله في الاخرى : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
فهذا دور المؤمنين ، فما هو إذا دور المنافقين؟ إنه النكسة وظلمة الركسة :
(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ):
هناك المؤمنون والمؤمنات في منظر طريف ظريف ، وهنا المنافقون والمنافقات في منظر هائل عنيف ، في حيرة الضلالة ومهانة الإهمال ، متعلقين بأذيال المؤمنين والمؤمنات قائلين : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) وأنّى لهم الاقتباس ، ولات حين مناص ، من الظلمات التي عاشوها حياتهم!.
وترى ما هذه النظرة التي يلتمس منها قبسات النور؟ إنها ليست نظرة البصر فإنها غير مفيدة ، وهي حاصلة في حوارهم ، وإنما هي نظرة البصيرة المتأملة الشفيعة الى الله أن يقبسهم من نورهم ، لذلك لم تعدّ ب (إلى) المؤدية معنى نظر البصر : (انظرونا) : تأملونا لهذه البغية ، وليس مجرد التأمل (في) : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٧ : ١٨٥) أو التأمل (كيف) : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٣٠ : ٩).
(ولا نظر الانتظار : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٧٥ : ٢٣) اللهم إلا انتظارهم ليلحقوهم الى الجنة على نورهم كما هم مسرعون ، وأنّى لهم وهم مظلمون مبطئون!.
أو انتظار الشفاعة لمن ينظرونهم أمل الشفاعة ، ولكنه أيضا النظر (إلى) وهنا النظر (انظرونا) فهو نظر يفيد الاقتباس من ذلك النور.
وقد التمسوا محالا فأجيبوا بمحال مضاعف : (قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً) فليس هذا النور بالذي يلتمس هنا ، ولا بالذي يقتبس من أهل النور هنا ، وإنما يلتمس (وراءكم) يوم الدنيا التي خلفتموها وراءكم ظهريا ، ومن ثم يقتبس منه هنا ، أو كان أصله من هناك ثم يتمم هنا بشفاعة أو التماس ، ثم