بالله ورسله ، ولا نرى إعدادا في الأرض أن تصبح من الجنة ، ولا في السماء.
إذا فسؤال : إذا كان عرض الجنة كعرض السماوات والأرض ، فأين النار؟ هذا السؤال ساقط لا جواب له إلا اختلاف المكان. وما يعزى من جواب إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : (سبحان الله إذا جاء النهار فأين الليل؟) مختلق ، فمن المحال اجتماع الليل والنهار في أفق وجو واحد ، فكيف تجتمع الجنة والنار في السماوات والأرض؟ وساحة الرسول بريئة من هذه الهرطقات!.
ثم المسابقة المسارعة إلى مغفرة من الرب هي في الدنيا ، ومن أعمالنا ، وهما الى الجنة ـ منذ الموت الى ما يعلم الله ـ من فضل الله نتيجة أعمالنا بما وعدنا الله : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
فالمسابقة الى مغفرة مسابقة ـ بالمآل ـ الى الجنة ، فالدنيا هي ميدان سباق الى الجنة ، يجعلها أهلها سباقا الى النار ، فأين سباق من سباق ، وجنة من نار؟.
ترى وكيف السباق الى غفران الله ، وبأية وسيلة؟ إنها ترك كبائر السيئات والإتيان بكبائر الحسنات ، والإنابة إلى الله ، والتوبة النصوح ، وتبنّي الحياة إيمانية مهما تسرّ بتها أخطاء صغار ، فهنا لك الشفاعة ، وهنا لك قبول التوبة ، وهنا لك تكفير السيئات ، ومن ثمّ جنة عرضها الأرض والسماوات ، أعدّت للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فليست الجنة حصرة على المقربين ، وحسرة على من سواهم من المؤمنين.
توحي المسارعة إلى مغفرة ، أنه كما التوبة واجبة ، كذلك السرعة لها والمسارعة إليها واجبة ، فان في تأجيلها قسوة فحسرة وندامة ، وفي تعجيلها تنوير للقلب المظلم ورجعة الى الرب وكرامة.
ترى ولماذا (إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وهو من فعل الله لا المستغفر؟ ولم يقل : (إلى استغفار ربكم)! لأن كل استغفار لا تتبعه المغفرة ، وإنما استغفار التوبة النصوح : (أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ...) (١١ : ٣).