وهكذا يجب أن تكون مسارع الحياة ومصارعها إلى الله ، لا إلى اللهو.
وهل هناك من فرق بين آيتي آل عمران والحديد؟ إن هذه تقدّر عرض الجنة كعرض السماء والأرض ، إذا فليست هي في السماوات والأرض ، ولا كعرضها ، وإنما كعرض السماء والأرض ، وعلّها السماء الاولى أو أية سماء؟ ولأنها للمتقين.
وتلك تقدّر عرضها السماوات والأرض ، فهي إذا فيهما وكسعتهما ، بالسماوات السبع ، ولأنها للسابقين فهي أوسع؟.
أقول : لا هذا ولا ذاك ، فان جنة المتقين والسابقين وأيّ من المؤمنين هي فوق السماء السابعة : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (٥٣ : ١٥) مهما كانت لها درجات حسب الدرجات ، وسدرة المنتهى هي منتهى الكون المحيط بسائر الكون ، ومن الأفق الأعلى لصاحب المعراج قبل مقام أو أدنى ، هذه الجنة فرشها عرش السماء السابعة و (سقفها عرش الرحمان) (١).
ولو كانت هي في السماء والأرض لم يكن عرضها كعرض السماء والأرض ، ولا عرض السماوات والأرض ، وإنما (جنة هي السماوات والأرض) فالسماء هناك هي السماوات هنا وكما في غيرها ، إلا إذا قيّدت بالدنيا (السماء الدنيا) أم ماذا ، والعرض هو السعة ، لا ما يقابل الطول ، فان السماوات والأرض ليست عرضا مقابل الطول ، وإنما هي سعة جامعة للعرض والطول ، ف (جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) تعني سعتها ليس إلا.
وبعد كل ذلك فشكل السماوات والأرض دائري كروي لا طول له ولا عرض ، وإنما محيط وسطح وحجم ، وإن الجنة معدّة الآن للمتقين والذين آمنوا
__________________
(١) كما يروى عن الرسول (ص) تفسير الفخر الرازي ج ٢٩ ص ٢٥٣.