المدلول : العدل في كافة زوايا الكون وحواياه ، فلو لا الميزان لم يبق لأي كائن كيان ، ولا للأنس والجان ، فليدرس الإنسان :
(أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ. وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) :
(وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (٥٧ : ٢٥) : فلندرس من كتابي التكوين والتدوين درسا في طغوى الميزان : سلبا : (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) وإيجابا في تقواه : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ).
فتقوى الميزان هي الحساب العدل به وفيه ، وطغواه هي الفوضى اللاحساب ، وليس ميزان البيع فقط ، بل سائر القيم والموازين في سائر جوانب الحياة بمتطلباتها ومنها موازين المعاملات.
فهنا إقامة للوزن بالقسط العدل هي تقواه ، وتخسير للميزان بالقسط اللاعدل ، هو طغواه ، بما لهما من درجات ودركات ، فالحق في الأرض وفي حياة البشر مربوط ببناء الكون ، ومدروس عن ميزان الكون ، فكما الفوضى في وزن سائر الكون تفضي الى القضاء على الكون ، أو شلّ عجلته ودورانه ، كذلك الفوضى في ميزان حياة الإنسان تشل دوران حياته كإنسان ، وتخسره ما فضل به على سائر الحيوان وأضل سبيلا.
وترى أن «الميزان» في هذا المثلث (١) بمعنى؟ كلا! فالأول هو معيار الوزن تكوينا وتشريعا ، والثاني ما يمكن فيه الطغيان ، من ميزان التشريع تهريفا وتحريفا ، أو خلافا وعصيانا ، فميزان التكوين لا يقبل الطغيان ، اللهم إلا ما فيه خيار للإنسان ، والثالث هو الذي يقبل الإخسار من الميزان ، وزنا وموزونا ومعيارا ، اللهم إلا في معيار المعاملات ، حيث الإخسار لا يتجه إلى آلة الوزن ،
__________________
(١) ١ ـ وضع الميزان ٢ ـ ألا تطغوا في الميزان ٣ ـ ولا تخسروا الميزان.