ثم ورفع درجات للذين آمنوا والذين أوتوا العلم ، ذلك حسب درجات العلم والإيمان ـ كما للجهال والذين كفروا دركات ـ درجات في الدنيا ودرجات في الآخرة ، ومن درجات الدنيا فرض التفسح لهم في المجالس ، والقيام لهم احتراما وإجلاسهم في مقامهم ، ومنها اختصاصهم أو تقدمهم في مناجاة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم كما فرض في آيته ، فالرفعة لهم شاملة للدارين وفي الناحيتين الصورية والمعنوية ، وعلى المؤمنين بالله التخلق بأخلاق الله في هكذا ترفيع.
ثم ولا ريب أن للعالم الدّين درجات على العالم غير الدّين ، أو الدّين غير العالم ، وفيما إذا جمعا في اثنين واختلفا في الدرجات ، فالفضل للعالم الأتقى ، ف (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) وآية الاستواء (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) إنما تفضل العالم على الجاهل ، فتبقى أفضلية الأتقى بين العلماء ـ على درجاتهم ـ ثابتة.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) : هكذا تؤمرون بتفضيل الفضلاء في العلم والإيمان ، ولكي تخلقوا جوا طاهرا يلمس فيه هذا الأدب الرائع ، والله خبير بأعمالكم ، الموافقة لأوامره ، والمخالفة سواء.
الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠) كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ