الشيعة (١) ، ولكن هذا لا يعني أنه يحق للقادم ـ ولو كان أفضل ـ أن يقيم الجالسين فيجلس مكانهم ، وكما عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : (لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ، ولكن تفسحوا أو توسعوا) (٢) ، وإنما الأدب الاسلامي للقادم أن يجلس بدون الشرف ، كما كان من دأب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمة من آل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم (٣).
__________________
ـ ينتظرون أن يوسع لهم فعرف النبي (ص) ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم فشق ذلك عليه فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر : قم يا فلان وأنت يا فلان ، فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه فنزلت الآية.
(١) الاحتجاج للطبرسي : روي عن الحسن العسكري (ع) انه اتصل بأبي الحسن علي بن محمد العسكري (ع) ان رجلا من فقهاء شيعته كلم بعض النصاب فأفحمه بحجته حتى أبان عن فضيحته ، فدخل على علي بن محمد (ع) وفي صدر مجلسه دست عظيم منصوب وهو قاعد خارج الدست وبحضرته خلق من العلويين وبني هاشم ، فما زال يرفعه حتى أجلسه في ذلك الدست وأقبل عليه ، فاشتد ذلك على أولئك الأشراف ، فأما العلويون فعجلوه عن العتاب ، وأما الهاشميون فقال له شيخهم : يا ابن رسول الله! هكذا تؤثر عاميا على سادات بني هاشم من الطالبيين والعباسيين؟ فقال (ع) : إياكم وأن تكونوا من الذين قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) ، أترضون بكتاب الله عز وجل حكما؟ قالوا : بلى ، قال : أليس الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ .. يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) فلم يرض للعالم المؤمن إلا أن يرفع على المؤمن غير العالم ، كما لم يرض للمؤمن إلا ان يرفع على من ليس بمؤمن ، أخبروني عنه قال : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ)؟ أو قال : يرفع الله الذين أوتوا شرف النسب درجات؟ أو ليس قال الله عز وجل : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ؟) فكيف تنكرون رفعي لهذا لما وفقه الله؟ ان كسر هذا فلان الناصب بحجج الله التي علمه إياها ، لأفضل له من كل شرف في النسب.
(٢) الدر المنثور ٦ : ١٨٥ ـ أخرج البخاري ومسلم عن عمر أن رسول الله (ص) قال : ...
(٣) الكافي عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال : كان رسول الله (ص) إذا دخل منزلا قعد في أوفى المجلس اليه حين يدخل. وفيه عنه (ع) : من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل الله عز وجل وملائكته يصلون عليه حتى يقوم.