قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة [ ج ٢٨ ]

223/457
*

دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٦٠ : ٩).

(أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) : «أولئك» المؤمنون الصامدون غير الموادّين لمن حادّ الله ورسوله ، «كتب» الله (فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) : ثبّته في قلوبهم وقرّره في ضمائرهم ، فصار كالكتابة الباقية ، والرقوم الثابتة ، ولكنها كتابة إلهية ما لها من زوال ، فإنها بيمين القدرة والرحمة ، فقلبت قلوبهم عن التقلبات إلى الثبات ، وإنما تتقلب تدرّجا إلى الكمال والأكمل ، ولحد تتهيأ لوحي الرسالة الإلهية لو شاء الله ، وليست كتابة الإيمان في قلب فوضى دون شرط ، إنما هي بين الإيمان والعمل وفقه ، ومن ثم تأييد الله فكتابة الإيمان ، وهذه هي زيادة الهدى من الله بعد الاهتداء بسعي المهتدي : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) (١٨ : ١٣) (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (٤٧ : ١٧)) فليس لهم صنع في زيادة الهدى ، اللهم إلا في سببه بفضل من الله (١).

فهذا الإيمان المكتوب في القلوب ، المؤيد بروح من الله ، إنه صدّ رصين متين يسدّ عن الإنسان هجمات الشيطان ، ويصدّه عن اتباعه في مزالق الشك واللاإيمان ، وكما في زمن الغيبة التامة إذ لا إمام حاضرا نلجأ اليه (فنكفأ تكفّأ السفينة في أمواج البحر ، لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان وأيّده بروح منه) (٢).

__________________

(١) اصول الكافي عن الصادق (ع) سئل عن هذه الآية : هل لهم فيما كتب في قلوبهم صنع؟ قال : لا.

(٢) اصول الكافي عن مفضل بن عمر قال : كنت عند أبي عبد الله (ع) وعنده في البيت أناس ، فظننت انه إنما أراد بذلك غيري ، فقال (ع) : أما والله ليغيبن عنكم صاحب هذا الأمر وليخملن حتى يقال مات ، هلك ، في أي واد سلك (وتتمة الحديث في المتن) (نور الثقلين ٥ : ٢٦٨).