محصور في المادتين ليس إلا ، فمن عظيم آلاءه للإنسان أنه خلقه من طين نتن فجعله في أحسن تقويم ، وللجان أنه خلقه من نار السموم ، وجعله يتلو الإنسان في التقويم!. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟.
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
فمن آلاء الرحمان ربوبيته الوحيدة للمشرقين والمغربين ، فإن كثرتها فوضى تضاد : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) كما أن ثبات الشارقات والغاربات دمار للكائنات.
ثم المشرقان والمغربان هنا تجمعان مشرق الشمس والقمر ومغربهما : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما) (٢٦ : ٢٨) ومشرق الشمس ومغربها ، مع مشرق سائر الشوارق ومغربها ، ومشرق كلّ مع زميله : الجهة الفرعية شمالا وجنوبا ، ومغرب كلّ كذلك ، وأعلى المشارق والمغارب صيفا وأدناهما شتاء ، في غاية ارتفاع الشمس وانخفاضها : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) (٧٠ : ٤٠) (١) فآيات المشرق والمغرب تتجاوب ، إفرادا وتثنية وجمعا ، دون تنافر وتناحر.
ثم من آلاء الرب في مشرقي الصيف والشتاء ومغربيهما أن الفصول الأربعة مترتبة عليهما ، وتتبعه تقلب الهواء وتنوعها ، وما يليها من مطر وشجر ونبات.
كما وأن من الآلاء الأربع رباعية التدبير ، وما إليها من آلاء في المشرقين والمغربين نحن نجهلها ، لو اختل شيء منها لاختلت الحياة أو استحالت أو حولت مماتا.
__________________
(١) راجع تفسير الآية (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) المعارج ج ٢٩ ص ١٤٠. وفي كتاب الاحتجاج عن أمير المؤمنين (ع) حديث طويل وفيه : وأما قوله (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) فان مشرق الشتاء على حده ومشرق الصيف على حده. أما تعرف ذلك من قرب الشمس وبعدها ، وأما قوله : (بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) فان لها ثلاثة وستين برجا تطلع كل يوم من برج وتغيب في برج فلا تعود اليه إلا من قابل في ذلك اليوم.